في تحرك إداري واسع يروم تصحيح أعطاب التدبير المحلي، استنفرت وزارة الداخلية مختلف مصالحها المركزية واللاممركزة من أجل مراقبة ومواكبة جماعات ترابية تواجه صعوبات في تسيير شؤونها وتدبير مشاريعها التنموية، في مقدمتها الجماعة الترابية عين حرودة التابعة لعمالة المحمدية، التي أصبحت نموذجاً صارخاً لاختلال التسيير المحلي وتعثر عدد من الملفات الحيوية.
مصادر مطلعة أكدت لـ “وطني24” أن وزارة الداخلية وجهت تعليمات صارمة إلى الولاة والعمال قصد إيفاد لجان إقليمية لتتبع وضع الجماعات المتعثرة، وتقييم أسباب تأخر إنجاز مشاريعها الحيوية في قطاعات الماء والصحة والبنية التحتية، وكذا افتحاص طرق صرف الميزانيات المحلية، بعد تزايد شكايات المواطنين والجمعيات بشأن سوء تدبير المال العام وشبهات المحاباة في منح الدعم العمومي خلال دورات أكتوبر العادية.
ووفق المعطيات نفسها، لم تستبعد مصادر “وطني24 ” أن تشمل هذه اللجان الجماعة الترابية عين حرودة، التي يصفها متتبعون بأنها من أكثر الجماعات التي تعرف ارتباكاً في التدبير اليومي، وتأخراً في إخراج مشاريع مهيكلة إلى حيز التنفيذ، رغم توفرها على موارد مالية هامة.
وتوقعت المصادر ذاتها أن تركز اللجان خلال زيارتها المرتقبة على تشخيص الأسباب الحقيقية وراء تعثر عدد من المشاريع والصفقات العمومية، التي أثارت الجدل محلياً ووطنياً، بسبب غياب رؤية واضحة في تدبير المرافق الجماعية وافتقاد آليات الحكامة المعقلنة.
ومن أبرز الملفات التي ستخضع للتدقيق، تضيف المصادر، ملف التدبير المفوض لقطاع النظافة، الذي عرف سلسلة من الاختلالات منذ إعلان الصفقة، ما دفع وزارة الداخلية إلى رفض التأشير عليها منذ سنة 2022 إلى اليوم، الأمر الذي تسبب في تدهور الوضع البيئي بالمدينة، حيث تغرق أحياء عديدة في أكوام من النفايات والأزبال، من بينها المجمع السكني “أملاك البرنوصي” والمشروع السكني “جنان زناتة”، إضافة إلى جنبات الطريق المؤدية إلى الملحقة الإدارية الثانية بباشوية عين حرودة.
كما ينتظر أن تشمل عمليات التفتيش والافتحاص، وفق المصادر ذاتها، طرق استفادة الجمعيات المحلية من البرنامج الملكي “أوراش”، وذلك للتأكد من شفافية تدبيره والفئات المستفيدة منه.
وكشفت المعطيات ذاتها عن شبهات في استفادة أشخاص مقربين من منتخبين محليين من هذا البرنامج، بل إن بعض رؤساء الجمعيات — تضيف المصادر — تبادلوا الأدوار فيما بينهم للاستفادة المتكررة من المنح، في خرق واضح لمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة في التوزيع.
ويُنتظر أن تُسفر هذه الزيارات الميدانية عن تقارير مفصلة سترفع إلى المصالح المركزية بوزارة الداخلية، تتضمن ملاحظات دقيقة حول مظاهر القصور الإداري والتدبيري داخل جماعة عين حرودة، على أن تُتخذ لاحقاً إجراءات تأديبية أو تصحيحية في حق من ثبت تورطه في سوء التدبير أو التلاعب بالبرامج العمومية.
وتندرج هذه العملية ضمن دينامية جديدة أطلقتها وزارة الداخلية لإعادة ضبط آليات التسيير الترابي وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصاً في ظل الانتقادات المتزايدة لأداء بعض الجماعات التي تحولت من فاعل تنموي إلى بؤر توتر إداري ومالي.
ويرى متتبعي الشأن المحلي أن دخول لجان التفتيش على خط “ملف عين حرودة” يحمل أكثر من دلالة، إذ يعكس رغبة الإدارة المركزية في إنهاء حالة الجمود التي تطبع أداء المجلس الجماعي، وإعادة الثقة إلى ساكنة المنطقة التي سئمت من تعثر المشاريع وغياب التجاوب مع انتظاراتها.
ويبقى السؤال المطروح، وفق فعاليات محلية، هو ما إذا كانت وزارة الداخلية ستفعل فعلاً آليات المتابعة والمساءلة في حق المتورطين في الاختلالات المفترضة، أم أن تقارير التفتيش ستظل حبيسة المكاتب دون ترجمتها إلى قرارات عملية تُعيد الاعتبار لتدبير الشأن المحلي بعين حرودة.
وطني 24 جريدة الكترونية مغربية شاملة
