في مشهد مؤلم يختزل قسوة الحياة وتقلباتها، تحوّلت حياة بدر، الشاب الذي كان يُضرب به المثل في النجاح والاستقرار، إلى مأساة إنسانية بكل المقاييس.
فبعد أن كان يعيش في بحبوحة من النعيم والرفاه، وجد نفسه بين عشية وضحاها مشرداً في الشوارع، لا يملك مأوى ولا سنداً.
ولد بدر في أحضان عائلة ميسورة، ربّته على القيم والكرم، ولم يكن ينقصه شيء.
تابع دراسته بتفوق حتى التحق بإحدى كبريات الشركات الوطنية، حيث شغل منصب مفتش بشركة الخطوط الملكية المغربية “لارام”، وكان راتبه الشهري يتجاوز 22 ألف درهم، ما منحه وضعاً اجتماعياً ومادياً مريحاً.
لكن القدر كان يُخفي له ما لم يكن في الحسبان. فبعد وفاة والديه، ورث عنهم أملاكاً وعقارات في مدن مختلفة، إضافة إلى ضيعتين فلاحيتين وحسابات بنكية ضخمة، جعلت منه شاباً في قمة الثراء والاستقرار.
في تلك الفترة، ظن بدر أنه وجد نصفه الآخر، فارتبط بامرأة كان يعتقد أنها ستشاركه الحياة بحلوها ومرّها.
غير أن الزواج الذي حلم أن يكون بداية لسعادة دائمة، تحوّل إلى بداية لانهيار مأساوي.
بحسب ما يرويه مقربون منه، فقد تمكنت زوجته، بطريقة وُصفت بالمدروسة والمخادعة، من السيطرة على أمواله وممتلكاته، واستطاعت أن تستحوذ على ما يقارب 900 مليون سنتيم، قبل أن تطلب الطلاق وتتركه يواجه مصيراً قاسياً.
فقد بدر كل شيء دفعة واحدة: المال، العمل، والاستقرار.
ومع تراكم الضغوط النفسية والمشاكل المادية، انهارت معنوياته تماماً، فغادر منزله ليقضي لياليه في الشوارع، حيث الأرض فراشه والسماء غطاؤه.
من رجل ناجح يحظى بالاحترام والتقدير، إلى مشرد يقتات من بقايا المارة، كانت السقطة موجعة، لكنها تختصر دروساً كثيرة عن الثقة الزائدة وسذاجة القلب أمام دهاء المصالح.
قصة بدر لم تكن مجرد حكاية رجل خسر ثروته، بل هي مرآة لواقع يعيشه كثيرون ممن صدّقوا أن الحب أمان، وأن القلوب لا تخون.
واليوم، بدر يعيش على الهامش، لكنه، رغم كل ما مرّ به، يقول لمن يستمع إليه:“المال يذهب ويأتي، لكن راحة البال لا تُشترى، والصحة والناس الصادقون هم الثروة الحقيقية.”
تُذكّرنا قصته بأن النجاح ليس فقط في المنصب أو الراتب، بل في الاختيارات الصحيحة، في من نحبّهم ومن نأتمنهم على حياتنا.
فالدنيا، كما يقول بدر، “ليست مضمونة، وقد يستيقظ الإنسان في الغد ليجد أن كل شيء تغيّر”.
قصة بدر ليست استثناءً، بل تكشف عن وجه خفي لظاهرة بدأت تتسع في المجتمع المغربي، وهي استغلال العلاقات الزوجية لتحقيق مكاسب مادية.
في السنوات الأخيرة، شهدت المحاكم ارتفاعاً في القضايا المتعلقة بالنزاعات المالية بين الأزواج، خاصة في ظل غياب الوعي القانوني وضعف الثقافة المالية لدى بعض الفئات.
ويؤكد مختصون في علم الاجتماع أن هذه الحالات تعكس تحوّلاً في مفهوم العلاقات الأسرية، حيث أصبحت المصالح المادية تطغى أحياناً على القيم العاطفية والإنسانية.
كما يرون أن قصصاً مثل قصة بدر ينبغي أن تكون جرس إنذار يدعو إلى تعزيز ثقافة التحصين القانوني والثقة المتوازنة بين الأزواج، حتى لا يتحول الحب إلى فخ، والعشرة إلى سلاح يدمّر حياة كاملة.
وطني 24 جريدة الكترونية مغربية شاملة
