أكد يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، أن قضية الصحراء المغربية تمثل اليوم “النموذج الأوضح والأخطر لآلة التضليل الإعلامي التي تستهدف وعي الشعوب العربية وتعيد إنتاج خطاب الهيمنة الاستعمارية بوسائل جديدة”.
وقال مجاهد، في كلمة ألقاها خلال ندوة حول السيادة الإعلامية احتضنتها مدينة العيون، الإثنين 20 أكتوبر 2025، إن ما تواجهه المنطقة من حملات دعاية مضللة “يتجاوز حدود النزاع الإقليمي ليشكل تهديدا مباشرا للأمن المعرفي والإعلامي العربي”، مشددا على أن “الإعلام المستقل هو خط الدفاع الأول عن وحدة الأوطان واستقلال القرار العربي”.
اللقاء، الذي عرف حضور مؤيد اللامي، رئيس الاتحاد العام للصحافيين العرب، ومصطفى أمدجار، مدير التواصل والعلاقات مع الفاعلين الإعلاميين بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، إلى جانب نقباء وممثلي نقابات الصحافة العربية، تحول إلى منصة لتشخيص واقع الحرب الإعلامية التي تستهدف المغرب، وفضح الأساليب التي تعتمدها بعض القوى الإقليمية والغربية لتزييف الحقائق حول ملف الصحراء.
وأوضح مجاهد أن الاتحاد العام للصحافيين العرب “ظل على الدوام البيت الجامع للصحافيين العرب والمدافع عن قيم التحرر والوعي”، مبرزا أن الاتحاد نشأ كقوة مواجهة ضد “الاحتلال والتضليل والتدخلات الأجنبية في الشؤون العربية”.
وانتقل مجاهد في كلمته إلى تفكيك جذور الدعاية الموجهة ضد المغرب، مشيرا إلى أن مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 كان نقطة انطلاق لمخطط استعماري غربي لتقسيم المغرب إلى مناطق نفوذ، “حيث تقاسمت فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا، بإشراف الولايات المتحدة آنذاك، التراب المغربي بين شمال وجنوب ووسط ومنطقة دولية بطنجة”.
وأكد أن الصحراء المغربية لم تكن يوما أرضا بلا شعب، بل كانت جزءا من الدولة المغربية الموحدة، وقاعدة رئيسية للمقاومة ضد الاستعمار بقيادة الشيخ ماء العينين وأبنائه الذين واصلوا الكفاح حتى حدود مراكش، مضيفا أن الحدود المرسومة بالمسطرة بعد الاحتلال الإسباني لم تكن سوى خطوط وهمية لخدمة مشروع التجزئة.
وأوضح مجاهد أن المغرب، بعد استقلاله سنة 1956، خاض معركة استكمال وحدته الترابية واسترجع طرفاية سنة 1958 وسيدي إفني سنة 1969، مؤكدا أن من يزعم أن نزاع الصحراء بدأ في سبعينيات القرن الماضي يتجاهل أن المغرب هو من بادر بإثارة القضية أمام الأمم المتحدة سنة 1961، في حين كان الجوار الجزائري ما يزال تحت الاحتلال الفرنسي.
وأضاف أن شعار “تقرير المصير” الذي تبنته جبهة البوليساريو “لم يكن شعارا تحرريا كما يروج له، بل فكرة استُخدمت أول مرة من طرف ديكتاتور إسبانيا فرانكو لتبرير مخطط إنشاء كيان تابع يحمي مصالح مدريد في المنطقة”، مشيرا إلى أن الجزائر تبنت هذا المشروع لاحقا ووفرت له التمويل والسلاح والدعم السياسي.
وفي رده على الخطاب الذي يتهم المغرب بـ”احتلال الصحراء”، شدد مجاهد على أن المغرب سلك المسار القانوني حين عرض النزاع على محكمة العدل الدولية التي أقرت بوجود روابط قانونية وتاريخية بين القبائل الصحراوية والعرش المغربي، وهو ما مهد لملحمة المسيرة الخضراء سنة 1975 التي أنهت الاحتلال الإسباني وأعادت الأقاليم الجنوبية إلى السيادة المغربية.
كما انتقد رئيس لجنة الصحافة ما سماه بـ”أسطورة المناطق المحررة”، مبرزا أن تلك المناطق ليست سوى “شريط عازل منزوعة السلاح، وفق اتفاق أممي لتفادي الاحتكاك العسكري”، مضيفا أن “المخيمات المقامة في تندوف تخضع لسيطرة مباشرة من المخابرات الجزائرية وميليشيات البوليساريو، وتعيش أوضاعا مأساوية تتسم بانتهاكات حقوقية خطيرة، منها تجنيد الأطفال وسرقة المساعدات الإنسانية”.
واعتبر مجاهد أن الإعلام الإسباني والغربي يواصل تغذية الدعاية المعادية للمغرب “لمنعه من استكمال تحرير مدينتي سبتة ومليلية والجزر المحتلة”، مشيرا إلى أن الصورة التي تروجها بعض المنابر الأجنبية عن الأقاليم الجنوبية “تتناقض تماما مع الواقع الميداني الذي يشهد دينامية اقتصادية واجتماعية وسياسية واضحة”.
وقال في هذا السياق: “العيون والداخلة والسمارة مدن نابضة بالحياة، وساكنتها يمارسون حقوقهم الدستورية بحرية كاملة، يشاركون في الانتخابات ويديرون شؤونهم المحلية بأنفسهم، عكس ما يروج له خصوم الوحدة الترابية”.
وختم يونس مجاهد كلمته بدعوة إلى توحيد الجهود لبناء سيادة إعلامية عربية قادرة على فضح التضليل وتحصين الوعي الجمعي، مؤكدا أن “المعركة اليوم لم تعد عسكرية، بل معرفية وإعلامية، وعلى الصحافيين العرب أن يكونوا في مقدمة الجبهة للدفاع عن الحقيقة والكرامة الوطنية”.
“السيادة الإعلامية ليست ترفا فكريا، بل معركة وجودية ضد التضليل الاستعماري الجديد”، يقول مجاهد، مؤكدا أن الدفاع عن الحقيقة هو أساس الدفاع عن الوطن.
وطني 24 جريدة الكترونية مغربية شاملة
