قال عزيز حناوي، الطالب بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، وعضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، والفاعل الجمعوي بمنطقة عين حرودة، إن الأسواق المغربية تشهد موجة غلاء غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان الذي يعرف ارتفاعًا في الطلب على المواد الأساسية.
وأضاف أن المضاربة وغياب الرقابة جعلا التدابير الحكومية لدعم بعض القطاعات غير مجدية، إذ لم يصل هذا الدعم إلى المستهلك النهائي، بل استفاد منه الوسطاء والمضاربون الذين فرضوا أسعارًا خيالية على المواطنين.
وأوضح حناوي أن أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو دعم الحكومة لمستوردي المواشي، حيث قدمت 500 درهم عن كل رأس غنم بهدف تخفيف العبء على المواطنين وتوفير الأضاحي بأسعار مناسبة، لكن ما حدث على أرض الواقع كان مخالفًا تمامًا للتوقعات، إذ تفاجأ المواطنون بأن سعر الأضاحي في الأسواق يتراوح بين 4000 و5000 درهم، في حين كان من المفترض أن يباع بين 2000 و3000 درهم فقط.
وهذا التفاوت الصارخ بين السعر المفترض والسعر الفعلي يعكس حجم المضاربة التي تحكم الأسواق المغربية، حيث يستغل الوسطاء أي دعم حكومي لزيادة أرباحهم بدل تمرير التخفيضات إلى المواطنين.
وأشار حناوي إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر فقط على قطاع المواشي، بل تمتد إلى مواد غذائية أساسية أخرى، حيث كشف أحد تجار السمك المعروف باسم عبد الإله مول الحوت عن تلاعب خطير في أسعار السمك، وخاصة السردين، الذي يعد من أكثر الأسماك استهلاكًا في المغرب.
وأضاف أن الفارق المهول بين سعر السردين عند خروجه من الموانئ وسعره في الأسواق يكشف حجم المضاربة، إذ يباع هذا النوع من السمك بثمن لا يتجاوز 3 دراهم في أكادير والداخلة، وهو ثمن مناسب يمكن أن يجعله في متناول جميع المغاربة، إلا أن المضاربين يستغلون سلسلة التوزيع ليصل إلى الأسواق الكبرى بسعر يتراوح بين 20 و25 درهمًا، أي بزيادة تفوق سبعة أضعاف سعره الأصلي.
وأكد حناوي أن هذا الوضع يثير تساؤلات كبيرة حول دور الجهات الرقابية، وكيف يمكن السماح بمثل هذا التفاوت الكبير بين الأسعار دون أي تدخل حقيقي لحماية المستهلك المغربي من جشع المضاربين.
وأوضح أن المغاربة يعيشون ضغطًا اقتصاديًا متزايدًا، خاصة مع تداعيات الأزمات العالمية التي أثرت على أسعار المواد الأولية ورفعت كلفة المعيشة، لكن ما يزيد الطين بلة هو أن الزيادات لا تكون نتيجة ندرة في المنتجات أو ارتفاع في تكاليف الإنتاج، بل بسبب جشع الوسطاء والمضاربين الذين يستغلون قلة الرقابة لتحقيق أرباح طائلة.
وأضاف أن المواطن المغربي يعاني من ارتفاع غير مبرر في أسعار الخضر والفواكه واللحوم والأسماك وحتى المواد الأساسية مثل الدقيق والزيت، مما يجعل البعض عاجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية، خصوصًا في شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الطلب.
وفي ظل هذا الوضع، شدد حناوي على ضرورة تدخل الحكومة بشكل صارم لوضع حد لهذه المضاربات، وذلك من خلال تشديد الرقابة على الأسواق، وضبط سلسلة التوزيع، وفرض عقوبات على المضاربين والوسطاء الذين يرفعون الأسعار دون مبرر، وإعادة النظر في سياسات الدعم لضمان وصوله إلى المواطنين بدل استغلاله من قبل بعض الفئات، فضلًا عن تعزيز دور جمعيات حماية المستهلك لمراقبة الأسعار والتبليغ عن أي تجاوزات.
واختتم حناوي حديثه بالتأكيد على أن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي، ما لم يكن هناك تنفيذ فعلي للإجراءات وزجر قوي ضد المتلاعبين بالأسعار، متسائلًا: إلى متى ستظل الأسواق المغربية رهينة المضاربة؟ وهل ستتخذ الحكومة قرارات جريئة لحماية المستهلك، أم ستظل الأزمة مفتوحة على مزيد من الغلاء والمعاناة؟