أفادت مصادر جامعية متطابقة لــ “وطـنـي24” أن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، تعيش منذ أسابيع على وقع نقاش واسع داخل الأوساط الأكاديمية، بعدما جرى تسجيل طالب في سلك الدكتوراه خلال الموسم الجامعي ذاته الذي سبق له أن سحب فيه ملفه من مختبر علمي آخر داخل المؤسسة نفسها، وذلك رغم عدم تقديمه النسخة الأصلية من شهادة الماستر، التي يشترطها النظام الداخلي كوثيقة أساسية في ملفات الولوج إلى هذا السلك.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن الطالب كان مسجلاً في بداية الأمر ضمن فريق بحث يتخصص في علم الاجتماع، تحت إشراف أحد الأساتذة الباحثين بالكلية.
غير أن تقريراً علمياً وُضع في حقه من طرف المؤطر المشرف، أشار إلى عدم حضور الطالب للتكوينات الإجبارية والأنشطة البيداغوجية للمختبر، وعدم استجابته للمراسلات الإدارية والعلمية المتكررة التي وُجهت إليه عبر بريده الإلكتروني المؤسساتي، فضلاً عن عدم تقدم أشغاله البحثية بالشكل المطلوب.
وتضيف المصادر نفسها أن لجنة علمية مختصة ناقشت وضعية الطالب خلال الموسم الجامعي نفسه، وأن الطالب أقرّ أمام أعضائها بعدم تواصله المنتظم، وهي خلاصة تضمنها التقرير الرسمي الذي رُفع إلى رئاسة الجامعة.
ومباشرة بعد ذلك، قام الطالب بسحب ملفه من المختبر الأول، لينقطع بذلك مسار تتبعه العلمي داخل شعبة علم الاجتماع.
وتؤكد المعطيات التي توصلت بها “وطـنـي24“أن المستجدات أخذت منحى آخر بعد إعادة تسجيل الطالب في الموسم نفسه داخل مختبر آخر بالكلية، يشتغل في حقل التواصل والدراسات الفرنسية.
الأمر الذي أثار تساؤلات عدد من الأساتذة، بالنظر إلى كون التخصص الجديد بعيد تماماً عن مسار الطالب الأصلي، وأن موضوع التسجيل الجديد تمت صياغته باللغة العربية، في حين يعتمد المختبر الجديد على لغات أجنبية أساسية في التدريس والبحث، أبرزها الفرنسية.
وأوضحت المصادر أن الإشكال لا يقف عند حدود اختلاف التخصصات، وإنما يمتد إلى الجوانب البيداغوجية والأخلاقية للمسار الأكاديمي، إذ تساءلت فعاليات جامعية عن كيفية تأطير طالب في مختبر لغوي من طرف أستاذ متخصص في الفرنسية، في وقت تشير الوثائق الرسمية إلى اعتراف الطالب بصعوبة التواصل، وإلى عدم حيازته للكفاءات اللغوية التي يقوم عليها التكوين في المختبر الجديد.
كما تساءلت المصادر ذاتها حول الأساس الإداري الذي تم اعتماده لقبول ملف الطالب دون الإدلاء بشهادة الماستر الأصلية، معتبرة أن مسألة الوثائق من العناصر الجوهرية التي لا يمكن تجاوزها في ملفات التسجيل بسلك الدكتوراه، لما لها من ارتباط مباشر بمبدأ تكافؤ الفرص وضمان مصداقية الشهادات العلمية داخل الجامعة المغربية.
وفي السياق نفسه، أشارت مصادر متطابقة إلى أن عدداً من الأساتذة الباحثين بالكلية عبّروا عن استغرابهم مما وصفوه بـ”الاستثناء غير المفهوم” في مسار قبول هذا الملف خلال السنة الجامعية نفسها، وفي المؤسسة نفسها، رغم التقارير الرسمية التي رُفعت بشأن الطالب، ورغم علم الإدارة الجامعية بالمستجدات الناتجة عن مناقشة ملفه سابقاً.
وتضيف المعطيات التي حصلت عليها “وطـنـي24” أن هذه القضية لم تبق في حدود النقاش الداخلي، إذ وُجهت رسالة تظلّم رسمية إلى رئيس جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، من طرف أستاذ محاضر بكلية الآداب، تناول فيها مختلف الإشكالات المرتبطة بملف الطالب.
وجاء في الرسالة، وفق مصادر الجريدة، أن الأستاذ المعني عبر عن استغرابه من قبول تسجيل الطالب في مختبر جديد في السنة نفسها، رغم التقرير السلبي السابق، ورغم اعتراف الطالب أمام اللجنة العلمية بعدم تواصله، مستغرباً –حسب مضمون الرسالة– كيف يمكن لطالب يقرّ بعجزه عن التواصل أن يلتحق بمختبر متخصص في التواصل واللغات.
وأشارت الرسالة، حسب المصادر، إلى ما اعتبره الأستاذ “اختلالات تمسّ المعايير الأخلاقية والأكاديمية”، متسائلاً عن كيفية قبول ملف الطالب دون الإدلاء بالوثيقة الأصلية للماستر، ودون احترام مساره العلمي، ودون مراعاة تقارير المختبر الأول.
كما دعت الرسالة، وفق ما اطّلعت عليه “وطـنـي24”، إلى احترام وحدة الموقف الأكاديمي وحماية ضوابط الولوج إلى سلك الدكتوراه، حفاظاً على مصداقية المؤسسة وضماناً لتكافؤ الفرص بين الطلبة.
وتختم المصادر حديثها لــ”وطـنـي24” بالتأكيد على أن هذه الحالة، وإن كانت معزولة، تطرح أسئلة جوهرية حول ضرورة احترام القواعد التي تنظم البحث العلمي، والحفاظ على وحدة المعايير الأكاديمية داخل مختبرات الدكتوراه، بما يضمن الانسجام والشفافية في تدبير الملفات، وصون مكانة الجامعة ودورها في ترسيخ قيم المسؤولية والانضباط.
وطني 24 جريدة الكترونية مغربية شاملة
