فرنسا تكرّم عبد النباوي بوسام جوقة الشرف تقديراً لعطاءاته في العدالة

الرباط / عـزيـز بـالـرحـمـة

منح السفير الفرنسي بالمغرب، مؤخراً، وسام جوقة الشرف برتبة ضابط للسيد محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض ونائب رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في حفل رسمي شهد حضور شخصيات بارزة من عالم القضاء والدبلوماسية.

ويُعد هذا الوسام من أرفع الأوسمة التي تُمنح في الجمهورية الفرنسية، حيث يُشكل اعترافاً بالتفاني والخدمة المتميزة، كما يعبّر عن عمق التقدير الذي تكنّه فرنسا لشخصيات ساهمت في ترسيخ قيم العدالة وتعزيز العلاقات بين باريس والرباط.

وقد أشاد السفير الفرنسي، خلال كلمته بالمناسبة، بمسار السيد عبد النباوي المهني، واصفاً إياه برجل القانون المتفاني، الذي لم يدخر جهداً في خدمة العدالة المغربية، والمساهمة في تطوير منظومة القضاء بالمملكة بما يواكب المعايير الدولية الحديثة.

كما نوّه بالدور الريادي الذي اضطلع به في تعزيز استقلالية القضاء، والتفاعل البناء مع التحديات التشريعية والحقوقية، مشيراً إلى أن تكريمه لا يأتي فقط تتويجاً لمساره القضائي، بل أيضاً تعبيراً عن امتنان فرنسا العميق للمغرب عبر هذا الصديق العزيز، على حد تعبيره.

ويمتد المسار المهني للسيد محمد عبد النباوي لعقود من العمل المتواصل في خدمة العدالة، حيث تولى مهام ووظائف قضائية رفيعة، من بينها مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، ثم وكيل عام للملك لدى محكمة النقض، قبل أن يُعين رئيساً أول لها سنة 2021، وهو المنصب الذي جعله نائباً لرئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أعلى هيئة تنظيمية للقضاء بالمملكة.

 

 

وقد ارتبط اسمه بإصلاحات كبرى همّت النيابة العامة واستقلالها عن السلطة التنفيذية، وهي خطوة وُصفت بالتاريخية، ساهمت في ترسيخ مبادئ فصل السلط وتعزيز ثقة المواطن في الجهاز القضائي.

ويأتي هذا التوشيح في سياق علاقات متينة تجمع بين المغرب وفرنسا، لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية والسياسية، بل تمتد إلى المجالات القانونية والحقوقية، حيث يشهد التعاون القضائي بين البلدين دينامية ملحوظة، سواء من خلال تبادل الخبرات والتكوين، أو من خلال تنسيق الجهود في ملفات ذات طابع عابر للحدود، مثل مكافحة الجريمة المنظمة وتبييض الأموال والإرهاب.

ويُعد وسام جوقة الشرف، الذي أنشأه نابليون بونابرت سنة 1802، أعلى وسام رسمي في فرنسا، ويُمنح تقديراً للخدمات المتميزة التي يقدمها الأفراد في مختلف المجالات، من ضمنهم مسؤولون سامون، وقضاة، ومثقفون، ومفكرون، سواء كانوا فرنسيين أو أجانب.

ويُعدّ منح هذا الوسام للسيد عبد النباوي تعبيراً عن احترام وتقدير دوليين لجهوده في تطوير القضاء المغربي، وتعزيز سيادة القانون، وحرصه على الانفتاح على التجارب المقارنة.

ويؤشر هذا التكريم كذلك على أهمية البعد القضائي في الدبلوماسية الحديثة، حيث أصبح التعاون القانوني أداة فاعلة في توطيد العلاقات بين الدول، وترسيخ القيم المشتركة التي تقوم على احترام الحقوق والحريات وتعزيز العدالة.

وفي هذا السياق، يظل السيد عبد النباوي شخصية مرجعية ليس فقط داخل المغرب، بل أيضاً على الصعيد الدولي، باعتباره صوتاً عقلانياً ومدافعاً صلباً عن قضاء مستقل ونزيه يخدم المواطن ويصون دولة القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Managed by Immediate Bitwave