طالب أعضاء من المعارضة بجماعة القصر الكبير، في رسالة رسمية موجهة إلى عامل إقليم العرائش، بفتح تحقيق مستعجل بشأن ما وصفوه بـ”خروقات جسيمة” طالت أشغال تهيئة بعض الطرق الجماعية داخل المدينة، مؤكدين أن تلك المشاريع تم تنفيذها خارج الإطار القانوني، ونتج عنها اعتداءات مادية على ممتلكات مواطنين، دون احترام المساطر المنظمة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
وأورد الموقعون على المراسلة، المؤرخة في 16 يونيو 2025، تتوفر “وطني 24” على نسخة منها أن الأمر يتعلق أساسا بمشروع تهيئة الطريق الرابطة بين “مقهى دعاء” ومنطقة “الكشاشرة”، حيث تم التعدي فعليا على مساحة تناهز 31.625 مترًا مربعًا من أملاك خاصة، تعود ملكيتها لأزيد من 15 مواطنا، دون أي سند قانوني أو إداري، الأمر الذي دفع المتضررين إلى اللجوء للقضاء الإداري، الذي أصدر بدوره أحكامًا ابتدائية واستئنافية تقضي بتعويضات تتراوح بين 200 و2000 درهم للمتر الواحد، ما قد يؤدي إلى تضخم الفاتورة النهائية لهذه التعويضات، لتتجاوز سقف 3 مليارات سنتيم، حسب تعبيرهم.
وأكد الأعضاء الجماعيون أن هذه الوضعية تمثل خرقا واضحا للفصل 35 من دستور المملكة، الذي ينص على أن حق الملكية مضمون ولا يمكن نزعها إلا بموجب القانون ووفق الإجراءات المحددة، مؤكدين أن رئيس الجماعة أقدم على تنفيذ المشروع دون اللجوء إلى أي مسطرة قانونية، لا عبر التراضي ولا من خلال سلك مسطرة نزع الملكية وفق القانون رقم 7.81، مما يجعل الجماعة في مواجهة مسؤولية قانونية وإدارية جسيمة.
وفي سياق متصل، نبه الموقعون إلى أن المشروع تم إنجازه دون الاستفادة من الإمكانيات القانونية المتاحة، ومنها مقتضيات الفصل 66 من قانون نزع الملكية، التي تسمح بتقويم العقار المنزوع على أساس مبدأ “زائد القيمة” في حالة النزع الجزئي، وهو ما كان من شأنه تقليص العبء المالي على الجماعة.
كما تم التغاضي عن المادة 37 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، التي تسمح بفرض “المساهمة المجانية” على الملاك المجاورين للطرق الجماعية المستفيدة من أشغال التهيئة، وهي آلية قانونية أخرى كان يمكن اعتمادها لتفادي تحميل الجماعة التكلفة الكاملة للمشروع.
وتساءل الأعضاء، في رسالتهم، عن الجهة التي تتحمل مسؤولية إعطاء الانطلاقة لصفقة عمومية ممولة من المال العام، وتنفيذها فوق عقارات لا تملك الجماعة أي صفة قانونية للتصرف فيها، معتبرين أن هذا السلوك لا يعبّر فقط عن استخفاف بالقانون والدستور، بل يعكس وجها خطيرا من أوجه سوء التدبير وغياب الحكامة، ما من شأنه إلحاق أضرار مالية فادحة بميزانية الجماعة، كانت في غنى عنها لو تم احترام المقتضيات القانونية.
وشدد أصحاب الرسالة على أن ما جرى لا يمثل حادثا عرضيا أو حالة استثنائية، بل يندرج ضمن “نمط ممنهج” في تنفيذ مشاريع التهيئة الطرقية على مستوى جماعة القصر الكبير، مستدلين على ذلك بعدد من الملفات المعروضة حاليا على أنظار المحكمة الإدارية، ما يثير شكوكا جدية حول وجود شبكة مصالح مستترة تستفيد من هذا الوضع، بحسب تعبيرهم.
وطالب الأعضاء الستة بفتح تحقيق معمق في الموضوع، وتفعيل آليات الرقابة الإدارية على تسيير الجماعة، مع اتخاذ تدابير استعجالية لحماية مالية الجماعة من التدهور، وترتيب المسؤوليات بشأن هذه الوضعية غير القانونية، واتخاذ ما يلزم في حق رئيس الجماعة بصفته المسؤول المباشر عن هذا الملف.