المحمدية…مستودعات عشوائية بالشلالات تكشف فضيحة أغذية فاسدة وسط صمت السلطة

تعيش جماعة الشلالات التابعة لعمالة المحمدية على وقع تنامي مقلق لظاهرة البناء العشوائي، خصوصاً ما يتعلق بإحداث مستودعات سرية بشكل غير قانوني، في تحدٍّ صارخ للقوانين التنظيمية والعمرانية، وتحت أنظار السلطة التي تلوذ بالصمت أو تكتفي بردود فعل باهتة وغير ناجعة.

فقد انتشرت في الآونة الأخيرة مستودعات مشيدة بشكل عشوائي سري، غالباً ما تستعمل في أنشطة غير قانونية ومحظورة، مما يشكل تهديداً مباشراً للنسيج العمراني والتوازن الفلاحي بالمنطقة.

ورغم توصل السلطة المحلية بعدد هائل من التقارير والمخالفات التي ترصدها الوكالة الحضرية للدار البيضاء، التي باتت تعتمد على تقنيات حديثة من بينها الطائرات المُسيّرة (الدرون) لتحديد مواقع البناء العشوائي، فإن عمليات الهدم والإيقاف تبقى محدودة وغير كافية للحد من هذه الظاهرة.

ويبدو أن التراخي الإداري وغياب التنسيق الفعّال بين الأجهزة الرقابية والمصالح الترابية يساهمان في استمرار البناء العشوائي بوتيرة مقلقة في مختلف تراب الجماعة، لا سيما داخل نفوذ الملحقة الإدارية الثانية بباشوية الشلالات، التي أصبحت نقطة سوداء في هذا المجال.

وقد كشفت واقعة حجز أزيد من طن من المواد الغذائية الفاسدة المنتهية الصلاحية داخل مستودع عشوائي حديث البناء عن عمق هذه الإشكالية وتعقيداتها.

فبعد تتبع دقيق لتحركات أحد العاملين بالمستودع وبعض وسائل نقل البضائع المشبوهة، قامت عناصر الدرك الملكي بالمركز الترابي الشلالات، التابع لسرية المحمدية، بوضع حراسة ثابتة مند أول امس الثلاثاء على المكان ومداهمته يوم زوال يوم الأربعاء 11 يونيو الجاري ، ليتم العثور على أزيد من طن من الجبن والزبدة المنتهية الصلاحية.

هذه العملية النوعية أسفرت عن تدخل فوري للمكتب الوطني للسلامة الصحية ومصلحة الشرطة الإدارية التابعة لجماعة الشلالات، حيث جرى نقل المحجوز عبر شاحنة جماعية صوب إحدى الشركات المختصة في تدوير النفايات، تمهيداً لإتلافها بشكل آمن نظراً لخطورتها على الصحة العامة.

وقد باشرت مصالح الدرك تحقيقاتها القضائية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، حيث تم الاستماع إلى صاحب المستودع وبعض العمال الذين تم توقيفهم خلال عملية المداهمة.

غير أن الغريب في الأمر أن هذا المستودع، الذي شُيّد مؤخراً بطريقة غير قانونية، لم يتم هدمه رغم انكشاف أمره، في ظل غياب مبررات واضحة، مما يثير علامات استفهام حول باقي المستودعات المجاورة التي تفوق العشرة في نفس الرقعة الجغرافية.

ولا تقتصر الإشكالية على الملحقة الثانية فقط، بل تمتد إلى الملحقة الإدارية الثالثة، التي عرفت بدورها تدخلات محدودة وغير مؤثرة بذريعة أن هذه المستودعات بُنيت في عهد مسؤولين سابقين، في حين أن المعطيات التقنية التي وفّرتها الوكالة الحضرية من خلال وسائل رصد دقيقة وعالية الجودة، تؤكد أن جل هذه البنايات تم تشييدها في عهد المسؤولين الحاليين، ما يعكس تضارباً في المعطيات ويعزز فرضية التواطؤ أو على الأقل التقاعس في التصدي للظاهرة.

في ضوء كل هذه المعطيات، يطرح السؤال نفسه حول جدية السلطات المحلية في محاربة البناء العشوائي، ومدى التزامها بتطبيق القانون على جميع دون استثناء.

فأين كانت عيون السلطة حينما كان البناء يتواصل إلى اخره؟ أم أن شيئًا ما أعمى بصيرتها؟ وإذا كانت تتحجج بأن البناء تم في عهد رجال السلطة السابقين، فأين كانت عيونها حينما كانت هذه المواد الغذائية الفاسدة تدخل إلى هذا المستودع؟ وما رأيها في المستودعات المجاورة التي تُمارس بدورها أنشطة مشبوهة بعيدة كل البعد عن أي مراقبة؟ والخير دليل على ذلك، العمليات التي تقوم بها مصالح الدرك الملكي بالشلالات والمحمدية والتي كشفت المستور من خلال المداهمات المتكررة.

كما تبرز الحاجة الملحة إلى تدخل عاجل وحاسم من قبل  السيد عادل المالكي عامل عمالة المحمدية الجديد رجل القانون و الميدانية ، قصد الوقوف ميدانياً بعين المكان (مكان حجز المواد الغذائية الفاسدة)، على ما يجري داخل تراب الشلالات، والعمل على تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت تقصيره أو تواطؤه في هذا الملف الشائك، الذي لم يعد يحتمل مزيداً من التهاون، بالنظر إلى انعكاساته الخطيرة على سلامة المواطنين والمجال الترابي على حد سواء.

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن بعض الجهات داخل السلطة المحلية، بدل أن تنهض بمسؤوليتها القانونية والمهنية، اختارت توجيه سهامها نحو الأقلام الحرة والمهنية التي مارست حقها المشروع في النقد البناء، بأسلوب حضاري ومسؤول.

هذا الانزعاج غير المبرر دفعها إلى الاستعانة ببعض الأبواق المأجورة التي تدّعي الانتماء إلى مهنة الصحافة، في محاولة بائسة للنيل من مصداقية الإعلاميين الشرفاء عبر اختلاق الأكاذيب وترويج التهم المجانية، مدفوعة بأحقاد تعود لسنوات خلت، في تجسيد للمثل الشعبي القائل: “خوك في الحرفة عدوك”.

ورغم أننا نترفّع عن الانجرار إلى هذا المستوى من الخطاب، فإننا نُذكر أصحاب هذه الحملات المغرضة ببيت المتنبي الخالد: “الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم”، مؤكدين أننا سنواصل أداء رسالتنا الإعلامية بكل مهنية وشرف، ولن تردعنا عن ذلك لا الأبواق المأجورة الحقودة ولا حملات التشويش….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Managed by Immediate Bitwave