رعاة الرحل في المغرب… تحديات الحياة في الصحراء والجبال

منذ القدم، ورعاة الماشية في المغرب ينتقلون من أعماق الصحراء إلى مناطق أخرى بحثًا عن الكلأ والمياه لمواشيهم. هذه الهجرة التقليدية تتم في إطار التكيف مع الظروف المناخية الصعبة التي تعرفها المناطق الصحراوية.

في أعماق الصحراء والجبال المغربية، تعيش شريحة فريدة من الناس، وهم رعاة الرحل. هؤلاء الرعاة يعتمدون على تربية الماشية كوسيلة للعيش، ويواجهون تحديات كبيرة بسبب الظروف الجوية القاسية والضغوط الاقتصادية.

إن حياة رعاة الرحل تتسم بالصعوبة والمغامرة، حيث يتعين عليهم مواجهة الجفاف والتغيرات المناخية والتقلبات في الأسواق.

رغم التحديات الكبيرة التي يواجهونها، يلعب رعاة الرحل دورًا مهمًا في الحفاظ على التراث الثقافي المغربي والمساهمة في الاقتصاد الوطني.

إنهم يحافظون على تقاليدهم وعاداتهم الفريدة، ويمتلكون معرفة تقليدية قيّمة في إدارة الموارد الطبيعية واستخدامها بشكل مستدام.

تُعتبر الإبل رمزًا للغنى والثروة لدى القبائل الحسانية، حيث يتم استخدامها في الترحال، وحمل الأثقال، وأداء الديون والديات. وتحظى الإبل باهتمام خاص في الإبداع الأدبي والشعري، وفي كتابات الفقهاء والعلماء الحسانيين.

وحيازة الإبل مفخرة، لذلك وضعت كل قبيلة علامات خاصة بها ترسمها على قطعانها من الإبل.

فمثلًا، قبيلة أولاد تيدرارين تضع حرف (د)، وقبيلة لمْيَارْ حرف (س)، وأركيبات الشرق حرف (ق)، أما أركيبات الساحل فيضعون حرف (ف)، وأولاد بُسْبَاعْ حرفي (مك)، وأهل بارك الله حرف (لا)، والعروسيين يضعون نقطة (.)، بينما أهل الشيخ ماء العينين يوظفون حرف (T)… إلى غير ذلك.

كما شكّلت الإبل العمود الفقري للاقتصاد الرعوي الصحراوي، مما جعل ذكرها حاضرًا في الإبداع الأدبي والشعري وفي كتابات الفقهاء والعلماء الحسانيين.

فحيازة القطعان دليل على المكانة الاجتماعية لمالكها، كما أن نحرها وتقديمها كهدية له رمزية خاصة في الثقافة الحسانية.

فهي حاضرة في صداق (مهر) المرأة، وفي التبادل ما بين الرحل وسكان الواحات في وادي نون وآدرار التمر.

كما أنها كانت حاضرة إبّان مقاومة الاستعمار وحركة جيش التحرير في خمسينيات القرن الماضي.

وفي حالة اللهو والترويح، نجد أن الإبل تقوم بدور أساسي يتمثل في سباق الهجن الذي يُدعى محليًا (اللَّزْ) أو (رْوَانْتَة).

لكن تراجع نمط عيش الترحال، وتمدن الصحراء، والارتباط بالعمل المأجور، وعوامل الجفاف وضعف المراعي؛ كلها متغيرات انعكست على درجة التكسب بالإبل، إذ تراجعت أعداد قطعانها، وصار الرعي عملية تجارية محضة في تبعية مطلقة لاقتصاد السوق وللمدينة.

فنتج عن ذلك تدهور ثقافة تربية الإبل، ولم تعد تحتل المكانة التي كانت تحظى بها فيما مضى.

غير أن المنطقة عرفت مؤخرًا عودة من نوع جديد إلى البادية وتربية الإبل، وهي ممارسة يقوم بها بعض رجال الأعمال في إطار تنويع مصادر الدخل والحضور المزدوج محليًا في البادية والحاضرة.

ناهيك عن بعض العائلات التي لا تزال تحن لحياة البداوة، والتي أصبحت مقيمة بصفة شبه دائمة في البراري وتعمل على تربية رؤوس الإبل كاقتصاد معاشي.

يجب على السلطات توفير مصادر مياه إضافية وتحسين المراعي الطبيعية لمساعدة الرعاة.

كما يمكن أن تساعد البرامج التأهيلية الرعاة على تحسين ممارساتهم وزيادة إنتاجيتهم.

فرعاة الرحل في المغرب يواجهون تحديات كبيرة، ولكنهم يلعبون دورًا مهمًا في الحفاظ على التراث الثقافي والمساهمة في الاقتصاد.

ومن ثم، يجب العمل على دعم رعاة الرحل وتحسين ظروفهم المعيشية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Managed by Immediate Bitwave