وطـنـي24 / عبد الرحيم لعويسي
تُعاني مدينة المحمدية من تفاقم مشكل البطالة، ما أثر بشكل سلبي على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمنطقة. وتشير تقارير إخبارية إلى أن الوضع الاقتصادي في المدينة شهد تدهورًا ملحوظًا بسبب إغلاق عدد من الشركات وتسريح العمال، إضافة إلى حذف السوق الأسبوعي بجماعة بني يخلف أواخر سنة 2024 دون إيجاد بديل مناسب، الأمر الذي ساهم في انتشار الأسواق العشوائية وبيع السلع على الأرصفة، مما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية.
ومن الجوانب التي قد لا تحظى بالاهتمام الكافي، لكن تُعتبر من ركائز الرؤية الملكية، هو التركيز العميق على فئة الشباب، التي تمثل حجر الأساس في مسار التنمية المستدامة.
ومن أبرز المبادرات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في هذا السياق، تبرز “مؤسسة محمد السادس”، التي تهدف إلى تمكين الشباب المغربي من المساهمة الفعالة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة، من خلال إطلاق مشاريع تركز على توفير فرص تعليمية وتكوينية ومهنية، ما يساهم في بناء مجتمع متطور وقادر على مواجهة التحديات المستقبلية.
ويُعد هذا الاهتمام بالشباب جزءًا من رؤية شمولية يعمل الملك محمد السادس على ترسيخها، من خلال بناء جيل جديد قادر على قيادة المملكة نحو مزيد من التقدم، إذ يرى جلالته أن الشباب يمثلون عماد المستقبل، وأن توفير بيئة ملائمة لتطوير قدراتهم وإشراكهم في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية يشكل أساسًا لبناء دولة قوية ومزدهرة.
ولا تقتصر الرؤية الملكية على الجانب الاقتصادي فقط، بل تمتد لتشمل الأبعاد الاجتماعية والثقافية التي تُعزز الوحدة الوطنية والهوية المغربية.
ومن هنا، بات التركيز على التعليم، وتشجيع الابتكار، وتوفير فرص الشغل، جزءًا من السياسات التي تتبناها الدولة في إطار توجه ملكي يروم إعداد المملكة لمستقبل أكثر إشراقًا.
وتكمن قوة هذه الرؤية في قدرتها على الموازنة بين التقدم الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبين الحفاظ على الأصالة والهوية.
فهي دعوة لتأسيس اقتصاد متنوع قائم على الشباب، ويعكس في جوهره التزامًا عميقًا بمبادئ الاستدامة والابتكار من أجل مستقبل مزدهر للمغرب.
أما بالنسبة لأسباب البطالة في المحمدية، فتعود إلى عدة عوامل، من أبرزها إغلاق عدد من الشركات نتيجة بعض السياسات الاقتصادية غير الموفقة، مما أدى إلى فقدان العديد من مناصب الشغل.
كما أن قلة فرص العمل بالمدينة تضعف حظوظ الشباب والنساء في الحصول على وظائف ملائمة.
وفي السياق ذاته، سجّلت جهة الدار البيضاء–سطات معدل بطالة بلغ 15% خلال سنة 2023، وهو معدل يفوق المتوسط الوطني الذي بلغ 13%.
كما كشفت الإحصائيات الرسمية عن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 1.580.000 شخص سنة 2023، بزيادة تُقدَّر بـ138.000 مقارنة مع عام 2022. وتُبرز هذه الأرقام التفاوت الكبير في نسب البطالة بين الجهات، حيث بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة حوالي 35.8%.
من جهتها، أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، عن توقعات الحكومة بتحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 4.6% خلال عام 2025، وهو ما قد يشكل بارقة أمل إذا ما واكبته سياسات تشغيل فعالة.
وقد انعكس تأثير البطالة في المحمدية بشكل واضح من خلال موجات احتجاجات متعددة شهدتها المدينة، نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
كما أن فقدان مناصب الشغل ألقى بظلاله على الاقتصاد المحلي، من خلال تراجع الإيرادات وتدهور مستوى الخدمات العمومية.
وفي الختام، تبقى معالجة معضلة البطالة رهينة برؤية شاملة وجهود متكاملة تشمل جميع المستويات، من أجل تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق الشغل، وتوفير فرص حقيقية تُمكن الشباب المغربي من الانخراط الفعلي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.