بـقـلـم:نورالدين الرياحي
وتبقى رسالة المحاماة فوق كل الخلافات ،و تستمر فضيلتها ترفرف فوق سماء الحرية و القيم الإنسانية خفاقة كما عهدناها ، سامية حاضنة لأبنائها كالأمهات ، ضاربة جذورها في التاريخ كما لمسناها ، راخية ظلال المحبة و السماحة و العدل و الإنصاف في الغرف و القاعات ، معشوقة الجمال و المعالي و النبل كما سميناها، مغذقة رافعة الهامات و العطاءات ، تشرئب لها الاعناق و تحيى لها التقاليد و العادات ، منتشية المشية الخيلاء ،قاهرة للحساد و الأعداء ، لا يستقيم بدونها عدل و لا قضاء ، و لا تظهر حقيقة إلا و قد رفعت عنها الشبهات بدون عناء ، سادتها ارباب قلم و السنة فصحاء، كعبة هي تعلق فيها معلقات الشعراء ، و تحلق في ساحاتها حمائم السلام و الحرية و الآباء، لم يأخذ منها زمان و لا عواصف دهر مثل جنان الخلد الفيحاء ، تلك هي مهنتي التي لا فرق فيها بين رجال و نساء ، حليها و بذلتها سواد و بياض كأنها قوافي مدح و رثاء ، لا فرق بينهما في عرس او عزاء ، تلغى كل الاضداد في محرابها ، فلسفة و روحا و إخاء ، فاخلع نعليك اذا دخلته فكأنه واد مقدس أجزل الله فيه العطاء ، حقا و نصرا للمظلومين و الضعفاء، و لم يجعل بينه و بينهم حجابا و تلك غاية الشفعاء ، للفضيلة في امتهان المهنة الغراء .
من مذكرات نور الدين الرياحي
في مهنة المحاماة.